ضغوط دولية تدفع الاتحاد الأوروبي لتخفيف ضوابط الذكاء الاصطناعي والخصوصية

يواجه الاتحاد الأوروبي (EU) ضغوطاً متزايدة من دول وجهات فاعلة دولية لإعادة النظر في بعض البنود الصارمة ضمن قانون الذكاء الاصطناعي الجديد (AI Act)، خاصة تلك المتعلقة بـ النماذج التوليدية العامة (General-Purpose AI) وقواعد الخصوصية التي تحددها لائحة حماية البيانات العامة (GDPR). تأتي هذه الضغوط مدفوعة بالرغبة في تعزيز الابتكار وعدم "خنق" الشركات الأوروبية في سباق الذكاء الاصطناعي العالمي.

لماذا يطالب البعض بتخفيف الضوابط؟

تتمحور المطالبات بتخفيف الضوابط حول التوازن بين حماية المستخدمين والحفاظ على التنافسية الاقتصادية، وتتركز في النقاط التالية:

  • الخوف من التأخر العالمي: يرى العديد من صناع السياسة والمجموعات الصناعية أن القواعد الصارمة التي يفرضها قانون الذكاء الاصطناعي (AI Act)، خاصة على نماذج الذكاء الاصطناعي الأساسية (Foundation Models)، قد تفرض عبئاً تنظيمياً كبيراً على الشركات الناشئة الأوروبية، مما يمنح الشركات الأمريكية والآسيوية ميزة غير عادلة.
  • النماذج التوليدية العامة: هناك جدل حول كيفية تطبيق متطلبات الشفافية والمخاطر على النماذج التوليدية الكبيرة (مثل GPT-4)، حيث يرى البعض أن تعريف "المخاطر العالية" واسع جداً وقد يشمل تطبيقات غير ضارة.
  • تحديات الخصوصية (GDPR): تفرض لائحة حماية البيانات العامة (GDPR) قيوداً صارمة على كيفية جمع واستخدام البيانات، وهذا يتعارض بشكل مباشر مع حاجة نماذج الذكاء الاصطناعي إلى كميات هائلة من البيانات للتدريب. تطالب بعض الشركات بتوضيحات أو استثناءات تتعلق بـ "الاستخدام المنصف" للبيانات في التدريب.

نقاط الضغط الرئيسية والجدل المثار

تتركز الضغوط الحالية على عدة مجالات ضمن الإطار التنظيمي للاتحاد الأوروبي:

  • الابتكار مقابل التنظيم: تُشدد جهات فاعلة على ضرورة تقديم حوافز للشركات الصغيرة والمتوسطة الأوروبية (SMEs) التي تعمل في مجال الذكاء الاصطناعي، وذلك بتبسيط متطلبات الامتثال لتشجيع **الابتكار المحلي** بدلاً من الاعتماد على عمالقة التكنولوجيا الأجانب.
  • استخدام البيانات البيومترية: كان هناك جدل كبير حول حظر استخدام تقنية التعرف على الوجه في الأماكن العامة، حيث تطالب بعض الهيئات الأمنية باستثناءات لهذه التقنية.
  • تعريف الذكاء الاصطناعي: الجدل حول تعريف "الذكاء الاصطناعي عالي المخاطر" (High-Risk AI) لا يزال مستمراً، حيث تسعى مجموعات الضغط إلى تضييق نطاق هذا التعريف لتقليل عدد التطبيقات التي تقع تحت الفحص التنظيمي المشدد.

موقف الاتحاد الأوروبي المتوقع

على الرغم من الضغوط، من المتوقع أن يظل الاتحاد الأوروبي متمسكاً بالخطوط العريضة لـ قانون الذكاء الاصطناعي، الذي يُعد الأول من نوعه في العالم. ومع ذلك، قد يتم إدخال بعض التعديلات لـ:

  • توضيح القواعد: من المرجح أن يقوم الاتحاد الأوروبي بإصدار إرشادات واضحة حول كيفية تطبيق قواعد GDPR على تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي، لتوفير اليقين القانوني للشركات.
  • مرونة التطبيق: قد يتم تطبيق القواعد بمرونة أكبر على الشركات الصغيرة والناشئة مقارنة بالشركات الكبرى، لضمان استمرار الابتكار المحلي.

تشير هذه التطورات إلى أن مستقبل الذكاء الاصطناعي في أوروبا سيتشكل من خلال توازن دقيق بين القيم الأخلاقية، وخصوصية المواطنين، والضرورات الاقتصادية للحفاظ على التنافسية العالمية.

تعليقات