في خطوة مبتكرة تهدف إلى التغلب على معضلة الاختيار التي تواجه مشاهديها، بدأت عملاق البث الرقمي نتفليكس في اختبار مساعد جديد يعتمد على الذكاء الاصطناعي. يهدف هذا المساعد الذكي إلى تبسيط عملية البحث عن فيلم أو مسلسل مناسب، وتقديم توصيات أكثر دقة وتخصيصًا بناءً على تفضيلات المستخدمين وتاريخ مشاهداتهم وحتى حالتهم المزاجية المحتملة.
لطالما كانت واجهة نتفليكس، بما تضمه من مكتبة هائلة من المحتوى، سلاحًا ذا حدين. فبينما يمثل التنوع ثراءً، قد يتحول في كثير من الأحيان إلى عبء عند محاولة اتخاذ قرار بشأن ما يجب مشاهدته. هنا يأتي دور مساعد الذكاء الاصطناعي الجديد ليقدم يد العون.
تعتمد آلية عمل هذا المساعد على تحليل دقيق وشامل لكميات هائلة من البيانات. فهو لا يكتفي فقط بتتبع أنواع الأفلام والمسلسلات التي شاهدها المستخدم وتقييماته لها، بل يمتد تحليله ليشمل أنماط المشاهدة في أوقات مختلفة، والممثلين والمخرجين المفضلين، وحتى الموضوعات والقصص التي تجذب اهتمامه بشكل خاص.
لكن الطموح يتجاوز مجرد التوصيات التقليدية. تسعى نتفليكس إلى تطوير مساعد قادر على فهم السياق الحالي للمستخدم. تخيل أن تسأله: "أبحث عن فيلم كوميدي خفيف لمشاهدته بعد يوم عمل طويل". هنا، لا يكتفي المساعد بعرض قائمة عشوائية من الأفلام الكوميدية، بل يحاول اختيار تلك التي تتناسب مع حالة الإرهاق والرغبة في الترفيه الخفيف.
تفيد التقارير الأولية بأن المساعد الجديد سيظهر في واجهة المستخدم بشكل تفاعلي. قد يتخذ شكل نافذة دردشة صغيرة أو أيقونة مميزة تتيح للمستخدم طرح أسئلته واستفساراته حول ما يمكن مشاهدته. يمكن للمستخدمين طلب توصيات بناءً على مزاجهم ("أشعر بالحنين إلى أفلام الثمانينات")، أو نوع معين من القصص ("أريد مسلسلًا وثائقيًا عن الطبيعة")، أو حتى بناءً على الوقت المتاح لديهم ("لدي ساعة فقط لمشاهدة شيء ما").
لا يزال هذا المشروع في مراحله التجريبية الأولى، ومن غير الواضح متى أو ما إذا كان سيتم إطلاقه رسميًا لجميع المستخدمين. ومع ذلك، فإن هذه الخطوة تعكس توجه نتفليكس نحو الاستثمار المكثف في تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحسين تجربة المستخدم وجعلها أكثر سلاسة ومتعة.
إذا نجحت هذه التجربة، فإنها قد تحدث نقلة نوعية في طريقة تفاعلنا مع منصات البث الرقمي. فبدلاً من قضاء وقت طويل في التصفح والبحث، سيصبح لدينا مساعد شخصي ذكي يرشدنا بكفاءة نحو المحتوى الذي من المرجح أن نستمتع به حقًا. يبقى أن نرى كيف ستتطور هذه التقنية وما إذا كانت ستنجح في التخلص من "شلل الاختيار" الذي يعاني منه الكثيرون أمام شاشة نتفليكس.