في خطوة استراتيجية جريئة تهدف إلى تعزيز مرونة سلاسل الإمداد وتقليل الاعتماد على الخارج، أعلنت شركة آبل عن خطط طموحة للحصول على ما يزيد عن 19 مليار دولار من الرقائق المصنعة في الولايات المتحدة الأمريكية خلال عام 2025. يأتي هذا الإعلان في ظل تزايد المخاوف بشأن الاستقرار الجيوسياسي وتأثيره على إمدادات أشباه الموصلات الحيوية لصناعة الإلكترونيات.
لطالما اعتمدت آبل بشكل كبير على مصانع تقع في آسيا، وخاصة في تايوان وكوريا الجنوبية، لتوريد الرقائق المستخدمة في أجهزتها المختلفة، بدءًا من هواتف iPhone وحواسيب Mac وصولًا إلى أجهزة iPad وساعات Apple Watch. إلا أن التوترات التجارية والعالمية الأخيرة، بالإضافة إلى جهود حكومية أمريكية لتشجيع التصنيع المحلي، دفعت عملاق التكنولوجيا إلى إعادة تقييم استراتيجيته.
يُعتقد أن هذا الاستثمار الضخم سيتركز بشكل أساسي على الشراكات مع شركات تصنيع الرقائق الأمريكية الكبرى، مثل Intel و TSMC (التي تقوم ببناء مصنع ضخم في ولاية أريزونا). من المتوقع أن يشمل هذا التعاون إنتاج مجموعة واسعة من الرقائق، بما في ذلك معالجات Apple Silicon الخاصة بأجهزة Mac و iPad، بالإضافة إلى مكونات أخرى حيوية لأجهزة iPhone والأجهزة القابلة للارتداء.
تحمل هذه الخطوة العديد من الدلالات الهامة:
- تعزيز الأمن الاقتصادي: يمثل هذا الاستثمار خطوة كبيرة نحو تحقيق قدر أكبر من الاكتفاء الذاتي في مجال تصنيع الرقائق، وهو أمر بالغ الأهمية للأمن الاقتصادي للولايات المتحدة.
- تقليل المخاطر في سلاسل الإمداد: من خلال تنويع مصادر التوريد وتقليل الاعتماد على منطقة جغرافية واحدة، تسعى آبل إلى حماية إنتاجها من أي اضطرابات مستقبلية قد تنجم عن نزاعات تجارية أو أحداث عالمية غير متوقعة.
- دعم الوظائف المحلية: سيساهم هذا الاستثمار في خلق آلاف الوظائف الجديدة في قطاع تصنيع التكنولوجيا المتقدمة داخل الولايات المتحدة.
- تسريع الابتكار: قد يؤدي التعاون الوثيق بين آبل والمصنعين الأمريكيين إلى تسريع وتيرة الابتكار في تصميم وتصنيع الرقائق.
على الرغم من هذه الخطوة الطموحة، لا يزال من غير الواضح إلى أي مدى ستتمكن آبل من نقل كامل إنتاجها من الرقائق إلى الولايات المتحدة على المدى الطويل. فصناعة أشباه الموصلات معقدة وتتطلب استثمارات هائلة وخبرات متخصصة. ومع ذلك، فإن هذا الإعلان يمثل إشارة واضحة إلى التزام آبل بتعزيز وجودها التصنيعي في الولايات المتحدة وتقليل المخاطر المرتبطة بسلاسل الإمداد العالمية.
من المؤكد أن هذه الخطوة ستراقبها عن كثب الشركات الأخرى في قطاع التكنولوجيا، وقد تشجعها على اتخاذ خطوات مماثلة لتنويع مصادر التوريد وتعزيز الإنتاج المحلي. يبقى أن نرى كيف ستتطور هذه الاستراتيجية على المدى الطويل وتأثيرها على مستقبل صناعة الإلكترونيات العالمية.